كرمت جمهورية قبرص هؤلاء الذين قتلوا خلال الغزو التركي عام 1974 والذي أدى إلى احتلال 37 في المائة من أراضي الجزيرة المتوسطية التي أصبحت دولة عضو في الاتحاد الأوروبي منذ عام 2004.
يتذكر ويدين شعب قبرص والقيادة السياسية والدينية وكذلك الأحزاب والمنظمات السياسية الاحتلال غير الشرعي المستمر للشطر الشمالي من قبرص، و قد أقيمت الفعاليات والصلوات لهذه الذكرى الأليمة، فيما دوت صفارات الإنذار عند الساعة 05:30 بالتوقيت المحلي مذكرة ببدء الغزو التركي ونزول القوات التركية على الشواطئ الشمالية للجزيرة يوم 20 يوليو قبل 47 عاماً.
حضر رئيس الجمهورية نيكوس أناستاسياديس مراسم تأبين لمن سقطوا خلال الغزو التركي في مقبرة مقدونيتيسا. ثم توجه إلى كنيسة القديس ابوستولوس بارناباس للصلاة على أرواح الشهداء. كما ألقي كلمة في القصر الرئاسي تخليداً لذكرى هؤلاء.
كما اقيمت الثلاثاء الماضي 20 يوليو سلسلة من الفعاليات الأخرى المناهضة للاحتلال، حيث أصدرت الأحزاب السياسية وجمعيات وجماعات أخرى بيانات أدانت فيها الغزو التركي واستمرار الاحتلال وأكدت عزمها على النضال من أجل إيجاد حل عادل وقابل للتطبيق.
و كانت قد غزت القوات التركية قبرص في 20 يوليو 1974 بعد انقلاب عسكري خطط له المجلس العسكري اليوناني آنذاك وأطاح بالحكومة الشرعية للجمهورية.
تم غزو الجزيرة على مرحلتين وعلى الرغم من الدعوات المتكررة من قبل مجلس الأمن الدولي، احتلت تركيا 37 في المائة من أراضي قبرص ذات السيادة. و تواصل أنقرة الاحتفاظ بنحو 40 ألف جندي في المناطق الشمالية من الجزيرة، في تجاهل تام للنداءات الداعية إلى انسحابهم ودعوات للمساهمة في ايجاد تسوية سياسية من خلال محادثات السلام.
كانت عواقب الغزو مأساوية على قبرص فقد نتج عن هذا العمل الوحشي تهجير 162 ألف من القبارصة اليونانيين من ديارهم وأصبحوا لاجئين في أراضي الجزيرة.
اختار 20 ألف من القبارصة اليونانيين والموارنة عدم مغادرة منازلهم على الرغم من الاحتلال التركي، ليضطر معظمهم إلى هجرها بشكل تدريجي فيما بعد ، ويصل عددهم الآن نحو 300 شخص فقط.
ومن أكثر النتائج مأساوية للغزو التركي لقبرص هي قضية الأشخاص المفقودين، منذ ذلك الحين لا يزال مصير مئات الأشخاص مجهول، و قد تم إنشاء لجنة معنية بالمفقودين بناء على اتفاق بين زعيمي الطائفتين يفضي بالبحث واستخراج والتعرف على رفات 492 من القبارصة الأتراك و1510 من القبارصة اليونانيين الذين فقدوا خلال الفترة المشتركة بين الطائفتين وخلال الغزو.. و أعيد حتى الآن رفات 722 قبرصياً يونانياً و284 قبرصياً تركياً إلى أسرهم. و منذ بداية العام وحتى أيار/مايو 2021 تم التعرف على رفات 12 فرداً كما تم استخراج رفات 6 أشخاص في أعمال تنقيب في أماكن مختلفة.
و تنفذ تركيا سياسة منهجية لتوطين الجزء المحتل من قبرص حيث جلبت أكثر من 160 ألف تركي من تركيا، مما أدى إلى تغيير الوضع الديموغرافي لقبرص، هذا بالإضافة إلى تدمير التراث الثقافي للجزيرة التاريخية في الوقت نفسه.
و تجري المفاوضات لحل القضية القبرصية منذ عام 1975. حيث فشلت المحادثات العديدة التي ترعاها الأمم المتحدة لإعادة توحيد الجزيرة في تحقيق نتائج حتى الآن. كما فشل الاجتماع غير الرسمي الأخير 5 + 1 الذي عقد في جنيف من 27 وحتى 29 نيسان/أبريل في إيجاد أرضية مشتركة كافية للسماح باستئناف المفاوضات الرسمية فيما يتعلق بتسوية المشكلة القبرصية.
و قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إنه سيعقد في المستقبل القريب اجتماعاً آخر لـ 5 + 1 بهدف التحرك نحو الوصول إلى أرضية مشتركة تسمح بعقد اجتماع رسمي لحل قضية قبرص و توحيد الجزيرة.

